|
|
|
تثير الزيارات المفاجئة للدكتور أحمد زكي بدر للمدارس والمؤسسات التعليمية ومايعقبها من قرارات عقابية فورية الكثير من ردود الأفعال المتباينة, ولكي نضع هذا الأمر في مكانه الصحيح, |
|
|
|
ونحاول تقييمه بطريقة علمية لدراسة مدي انعكاس ذلك علي تطوير العملية
التعليمية في مصر دعونا نتفق اولا علي مجموعة من الحقائق التي لا خلاف
عليها...
أولا: هناك حالة غير مسبوقة من الاهمال والتراخي وعدم المبالاة بين
قطاعات عريضة في مجال التعليم بالتحديد فهناك غياب شبه كامل للتعليم ودور
المدرسة واختفاء كامل للتربية.
ثانيا: هناك غياب شبه كامل لمبدأ الثواب والعقاب وهو المبدأ الأول والاهم الذي يبني عليه تقدم الامم.
ثالثا: ما رأه الوزير ليس وليد اليوم وليس مقصورا علي مدرسة واحدة فهذه
هي الصورة الحقيقية لعمل المدارس الحكومية بل والجامعات وغيرها من
المؤسسات الحكومية الحديثة ولكن بصورة مختلفة.
رابعا: ليس من مهمة الوزير ـ أي وزير ـ في أي بلد في العالم أن ينزل
شخصيا للتفتيش علي المدارس, وتحصيل الغياب, والمرور علي دورات
المياه.. فهو أساسا مفترض أن يكون رجلا سياسيا مهمته وضع استراتيجية
العمل في وزارته طبقا لأهداف معينة يتفق عليها في أروقة الحزب الحاكم
ومجلس الوزراء.. أما ما عدا ذلك فهي مسئولية ناظر المدرسة, والمفتش,
ومدير المنطقة التعليمية, ووكيل الوزارة في المحافظة.
من أجل ذلك.. فإنني أدعو السيد الوزير لمراجعة الأمر وإعادة توزيع
المسئولية علي جميع المسئولين علي جميع المستويات الوظيفية وذلك يتطلب
بالضرورة إعادة النظر في اختيار هؤلاء المسئولين طبقا لكفاءتهم الإدارية
والعلمية بعيدا عن الأقدمية العقيمة.. وكذلك وضع كل مسئول أمام مسئوليات
محددة, بصلاحيات حقيقية تتيح له مسئولية التحرك السليم بالاضافة الي وضع
نظام محكم للتفتيش والرقابة وتقييم الأداء علي جميع المستويات.
وقبل ذلك وبعده لابد من فض الاشتباك سريعا بين مسئولية الأجهزة المحلية في
المحافظات ومسئولية الوزارة المركزية في القاهرة والتي كثيرا ما تكون
السبب في كثير من المشاكل والمعوقات وضياع المسئولية.
وتبقي نقطة مهمة أهمس بها في أذن كل مسئول.. لا معني علي الأطلاق أن
يكون العقاب للإنسان المخطيء بتشريده مع أسرته في محافظة أخري.. كما أنه
لا ذنب لهذه المحافظة أن يأتي إليها موظف مهمل لكي يمارس إهماله بين
أبنائها!! فهذا أسلوب للعقاب عفا عليه الزمن.
فالعقاب ليس مطلوبا لذاته, والمخطيء قد لا يكون متعمدا للخطأ في كثير من
الأحيان وإنني علي يقين بأنه لا أمل في أي إصلاح إلا من خلال منظومة شاملة
للإصلاح في كل مناحي الحياة في مصر.. فالموضوع ليس موضوع ناظر, ومدرس
وتلميذ ولكنه أكبر وأعمق من هذا بكثير.